مقاومة التطرف- منظومة فكرية ثقافية وطنية لمستقبل آمن
المؤلف: محمد العصيمي08.11.2025

إن الاعتقاد السائد بأن مواجهة الفكر المتطرف والإرهابي تكون بالفكر وحده هو وهم، بل هو ضرب من الخيال المضلل. واقعنا المرير يشهد عكس ذلك، إذ لم يفلح الفكر المعتدل، بكل ما أوتي من قوة، في إضعاف شوكة التطرف قيد أنملة. بمعنى آخر، النقاشات الفكرية المجردة، سواء عبر الكتب أو المقالات أو النصوص الأدبية أو حتى التغريدات، لا تسفر عن نتائج ملموسة تُذكر، أو على أحسن تقدير، قد تحقق مكاسب محدودة وباهتة لا ترقى إلى مستوى التأثير الفعال المطلوب على صعيد الفرد والمجتمع بأسره.
يدرك كل من المتطرفين والمفكرين المستنيرين أن تبادل الأفكار لا يعدو كونه مناوشات عابرة، أشبه بغزوات خاطفة، يسعى فيها كل طرف جاهداً لاجتذاب الآخر إلى معسكره. وفي بعض الأحيان، تكون هذه المناوشات حادة ومؤلمة لما ترسخ في نفوس الناس من قناعات ومشاعر راسخة. ولا يقتصر هذا الألم على دائرة المتزمتين فحسب، بل يمتد ليشمل أيضاً دائرة المستنيرين، حيث تتأذى قناعاتهم ومشاعرهم من ردود الأفعال الحادة والتوصيفات اللاذعة التي يطلقها المحافظون المتشددون، والتي غالباً ما تتجاوز حدود الدين والعرف والذوق العام.
إذا ما اتفقتم معي في هذا التشخيص، فإنني أدعوكم، مع إشراقة العام الجديد، إلى إعادة تقييم مسألة محاربة الفكر بالفكر، والتخلي عن هذه الفكرة النمطية. فلنتحرر أولاً من مفهوم "الحرب" الكامن في هذه المقولة، ولنتوجه ثانياً نحو البحث عن حلول أكثر فعالية ورسوخاً للتخلص من الأفكار المتطرفة والإرهابية، وتحصين شبابنا من مخاطرها وتبعاتها الوخيمة على الوطن والمجتمع. ومن بين هذه الحلول، العمل الدؤوب على مقاومة فكر التطرف والإرهاب من خلال تبني إستراتيجية شاملة ومنظومة فكرية ثقافية متكاملة تشارك فيها جميع مؤسسات المجتمع بلا استثناء. يجب أن تضطلع المدارس والجامعات ووسائل الإعلام والمساجد والمنتديات، وكل منبر له القدرة على مخاطبة الفرد المتأثر أو القابل للتأثر بأفكار التشدد، بدور محوري في نشر الوعي ومحاربة الفكر المنحرف الذي رسخته مدارس التزمت والانغلاق، تلك المدارس التي لا ترى سوى لون واحد وتنفي كل ما عداه.
هذا يعني أننا سننتقل بالفعل من حالة التراشق الفكري العقيم وحروب الأفكار المباشرة بين التيارات المختلفة، إلى حالة التأثير المدروس والمنظم على الفرد منذ نعومة أظفاره، بدءاً من السنوات الدراسية التمهيدية والابتدائية، وصولاً إلى مرحلة الشباب والنضوج في المراحل الثانوية والجامعية. ويعني أيضاً أن ما سيؤثر في الفرد، بشكل عام، هو قاعدة فكرية متينة ومدروسة بعناية فائقة، يتم تطبيقها بإرادة صلبة من جانب مؤسسات الدولة التي تمتلك سلطة تمكين الفعل الفكري التنويري في مؤسساتها، وذلك بهدف مقاومة فكر المتطرفين وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال الديني، وتعزيز قابلية جميع المواطنين للتعايش السلمي والتسامح، حتى وإن اختلفوا في مذاهبهم وتوجهاتهم وآرائهم وخياراتهم.
إن الركيزة الأساسية التي أطالب بها هنا هي "مقاومة الفكر المتطرف بمنظومة فكرية ثقافية وطنية شاملة" تعمل تدريجياً على تفكيك أفكار وأسوار المتزمتين والمتطرفين الذين سيطروا على الساحة لعقود طويلة مضت. وهم، بالمناسبة، لا يزالون يقاومون بشراسة هذا المد الوطني المتنامي، الذي يهدف إلى التخلص من أفكارهم وآرائهم الهدامة، تلك الآراء التي زجت بنا في متاهات معقدة ومحرجة على الصعيدين الداخلي والخارجي. وإذا لم نتحرك الآن لبناء هذه المنظومة المتكاملة وتوفير أسبابها ووسائلها ومتطلباتها، فإننا حتماً سنجد أنفسنا في وضع أسوأ مما كنا عليه في السابق، وسنندم أشد الندم على تفريطنا بفرصة ذهبية جديدة لإسقاط الفكر المتطرف والقضاء على الإرهاب والإرهابيين.
يدرك كل من المتطرفين والمفكرين المستنيرين أن تبادل الأفكار لا يعدو كونه مناوشات عابرة، أشبه بغزوات خاطفة، يسعى فيها كل طرف جاهداً لاجتذاب الآخر إلى معسكره. وفي بعض الأحيان، تكون هذه المناوشات حادة ومؤلمة لما ترسخ في نفوس الناس من قناعات ومشاعر راسخة. ولا يقتصر هذا الألم على دائرة المتزمتين فحسب، بل يمتد ليشمل أيضاً دائرة المستنيرين، حيث تتأذى قناعاتهم ومشاعرهم من ردود الأفعال الحادة والتوصيفات اللاذعة التي يطلقها المحافظون المتشددون، والتي غالباً ما تتجاوز حدود الدين والعرف والذوق العام.
إذا ما اتفقتم معي في هذا التشخيص، فإنني أدعوكم، مع إشراقة العام الجديد، إلى إعادة تقييم مسألة محاربة الفكر بالفكر، والتخلي عن هذه الفكرة النمطية. فلنتحرر أولاً من مفهوم "الحرب" الكامن في هذه المقولة، ولنتوجه ثانياً نحو البحث عن حلول أكثر فعالية ورسوخاً للتخلص من الأفكار المتطرفة والإرهابية، وتحصين شبابنا من مخاطرها وتبعاتها الوخيمة على الوطن والمجتمع. ومن بين هذه الحلول، العمل الدؤوب على مقاومة فكر التطرف والإرهاب من خلال تبني إستراتيجية شاملة ومنظومة فكرية ثقافية متكاملة تشارك فيها جميع مؤسسات المجتمع بلا استثناء. يجب أن تضطلع المدارس والجامعات ووسائل الإعلام والمساجد والمنتديات، وكل منبر له القدرة على مخاطبة الفرد المتأثر أو القابل للتأثر بأفكار التشدد، بدور محوري في نشر الوعي ومحاربة الفكر المنحرف الذي رسخته مدارس التزمت والانغلاق، تلك المدارس التي لا ترى سوى لون واحد وتنفي كل ما عداه.
هذا يعني أننا سننتقل بالفعل من حالة التراشق الفكري العقيم وحروب الأفكار المباشرة بين التيارات المختلفة، إلى حالة التأثير المدروس والمنظم على الفرد منذ نعومة أظفاره، بدءاً من السنوات الدراسية التمهيدية والابتدائية، وصولاً إلى مرحلة الشباب والنضوج في المراحل الثانوية والجامعية. ويعني أيضاً أن ما سيؤثر في الفرد، بشكل عام، هو قاعدة فكرية متينة ومدروسة بعناية فائقة، يتم تطبيقها بإرادة صلبة من جانب مؤسسات الدولة التي تمتلك سلطة تمكين الفعل الفكري التنويري في مؤسساتها، وذلك بهدف مقاومة فكر المتطرفين وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال الديني، وتعزيز قابلية جميع المواطنين للتعايش السلمي والتسامح، حتى وإن اختلفوا في مذاهبهم وتوجهاتهم وآرائهم وخياراتهم.
إن الركيزة الأساسية التي أطالب بها هنا هي "مقاومة الفكر المتطرف بمنظومة فكرية ثقافية وطنية شاملة" تعمل تدريجياً على تفكيك أفكار وأسوار المتزمتين والمتطرفين الذين سيطروا على الساحة لعقود طويلة مضت. وهم، بالمناسبة، لا يزالون يقاومون بشراسة هذا المد الوطني المتنامي، الذي يهدف إلى التخلص من أفكارهم وآرائهم الهدامة، تلك الآراء التي زجت بنا في متاهات معقدة ومحرجة على الصعيدين الداخلي والخارجي. وإذا لم نتحرك الآن لبناء هذه المنظومة المتكاملة وتوفير أسبابها ووسائلها ومتطلباتها، فإننا حتماً سنجد أنفسنا في وضع أسوأ مما كنا عليه في السابق، وسنندم أشد الندم على تفريطنا بفرصة ذهبية جديدة لإسقاط الفكر المتطرف والقضاء على الإرهاب والإرهابيين.